أمة الله member
الجنس : تاريخ التسجيل : 21/04/2010 عدد المشاركـات : 288 السٌّمعَة : 5
| موضوع: القول الفصل في بناء القبب على القبر(وتاريخ القبة الخضراء الخميس أبريل 14, 2011 5:49 pm | |
| ويليه :بعض رسائل وفتاوي العلماء فيها سليمان بن صالح الجربوع بسم الله الرحمن الرحيمالحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول رب العالمين محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، أما بعد:فإن المتأمل في هذا الزمان والمطلع على واقع المسلمين يجد أموراً يندى لها الجبين، وخاصة إن كانت من أعظم ذنب عصي الله به، أو سبيل موصل إليه، وهو الشرك بالله تعالى، وهل أرسل الرسل ونزلت الكتب إلا لتحقيق العبادة لله وحدهـ لا شريك له، وإبطال ما سواهـ من الأنداد، قال تعالى (( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )) [ النحل: 36 ]، هذا وإن من الطرق الموصلة للشرك، بناء القبب على القبور، وهو طريق وسبيل إلى عبادتها أو الاستشفاع بها لله، عياذاً بالله من ذلك.ولهذه الأسباب وغيرها جاءت فكرة طرح هذا المختصر عن بناء القبب على القبور وحكمها في الكتاب والسنة وأقوال العلماء فيها والعمل تجاهها، عسى الله أن ينفع كاتبها وقارئها.سائلين المولى عز وجل أن تكون خالصة لوجه الكريم. مقدمةجاء في لسان العرب: والقُبَّةُ من البناء: معروفة، وقيل هي البناء من الأَدَم خاصَّةً، مشتقٌّ من ذلك، والجمع قُبَبٌ وقِـبابٌ. وقَبَّـبها: عَمِلَها. وتَقبَّـبها: دَخَلها،وبيتٌ مُقَبَّبٌ: جُعِلَ فوقه قُبَّةٌ؛ والهوادجُ تُقَبَّبُ. وقَبَبْتُ قُبَّة، وقَبَّـبْتها تَقبيباً إِذا بَنَيْتَها. وقُبَّةُ الإِسلام: البَصْرة، وهي خِزانة العرب.والمقصود في بحثنا هذا هو ما بُنِيَ على قبر الميت من الأبنية كالقُبّة.وعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته". أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه، والحاكم والبيهقي والطيالسي وأحمد من طريق أبي وائل عنه، والطبراني في المعجم الصغير من طريق أبي إسحاق عنه، قال الإمام الشوكاني في شرحه لهذا الحديث: ((... ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخُولاً أولياء القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وهو من اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاعل، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )).واستشار رجل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن يبني فسطاطاً على ميت له، فقال له: "لا تفعل، إنما يظله عمله".وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة، وذكرتا حسنها، وتصاوير فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوَّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة".وروى حرب الكرماني عن زيد بن ثابت أن ابناً له مات فاشترى غلام له جَصاً وآجُراً ليبني على القبر، فقال له زيد: حفرتَ وكفرتَ، أتريد أن تبني على قبر ابني مسجداً؟ ونهاه عن ذلك.وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كنت أصلي وهناك قبر، فقال عمر بن الخطاب: القبر القبر! فظننته يقول: القمر، وإذا هو يقول: القبر، أو كما قال.وقد قال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان: يجب هدم القباب التي بنيت على القبور؛ لأنها أُسست على معصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وقد أفتى جماعة من الشافعية بهدم ما القرافة وهي مقبرة بمصر لها أبنية وسوق قائمة، منهم ابن الجُميزي ( ت 649هـ ) والظهير التزمنتي ( ت 682هـ ) وغيرهما، وقال القاضي ابن كج ( ت 405 ) ولا يجوز أن تجصص القبور ولا أن يبنى عليها قباب ولا غير قباب، والوصية بها باطلة. وقال الفقيه الشافعي الأذرعي ( ت 781 ): وأما بطلان الوصية ببناء القباب وغيرها من الأبنية، وإنفاق الأموال الكثيرة، فلا ريب في تحريمه.وقال ابن رشد ( ت 520 هـ ) كرهـ مالك البناء على القبر، وجعل البلاطة المكتوبة، وهو من بدع أهل الطول، أحدثوهـ إرادة الفخر والمباهاة والسمعة.وقد قال الإمام الشافعي في الأم: رأيت الأئمة بمكة، يأمرون بهدم ما يبنى على القبور ويؤيد الهدم، قوله: ولا قبراً مشرفاً إلا سويته ) وحديث جابر الذي بمسلم ( نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن البناء على القبور ).ا.هـ.. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب معلقاً على قول الشافعي السابق: ولأنها أسست على معصية الرسول، لنهيه عن البناء عليها، وأمرهـ بتسويتها؛ فبناء أُسس على معصيته، ومخالفته صلى الله عليه وسلم بناء غير محترم، وأولى بالهدم من بناء الغاصب قطعاً، وأولى من هدم مسجد الضرار، المأمور بهدمه شرعاً، إذ المفسدة أعظم حماية للتوحيد.. انتهى رحمه الله. الدرر السنية الجزء الثاني صفحة 202.وقد أفتى ابن حجر رحمه الله، كما ذكرهـ في كتاب الزواجر: وتجب المبادرة لهدم المساجد والقباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار لأنها أسست على معصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت هذه الفتوى في عهد الملك الظاهر إذا عزم على هدم كل ما في القرافة من البناء كيف كان، فاتفق علماء عصرهـ أنه يجب على ولي الأمر أن يهدم ذلك كله ويجب عليه أن يكلف أصحابها رمي ترابها في الكيمان.هذا وإن من المحدثات المنكرة والبدع التي قد شب عليها الصغير وهرم عليها الكبير القبة الخضراء الموجودة في المسجد النبوي فوق قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنها قد تطبعت عند بعض العوام وأصبحوا يروجون دعاياتهم بصورة للمدينة النبوية والقبة الخضراء، فإنا لله وإن إليه راجعون.وإنك لتعجب أن أكثر من يدعي العلم ممن هو من هذه الأمة يستحسنون ذلك العمل ولا ينكرونه، بل ينكرون على من أنكر، فلقد أشتدت غربة الإسلام، وعاد المعروف منكراً والمنكر معروفاً، والسنة بدعة، والبدعة سنة.تعريف مختصر عن القبب عموماً والقبة الخضراء:أول من بنيت له قبة على قبره هو الخليفة محمد المنتصر بن المتوكل العباسي المتوفى سنة (248) بعد ما أبرز قبره وعرفت باسم القبة الصليبية، ودفن معه الخليفتان: المعتز المتوفى سنة (255)، والمهدي المتوفى سنة (256). القبة الخضراء فوق قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونشأتها: 1/ أول من بنى القبة فوق قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو السلطان محمد بن قلاوون الصالحي عام 678هـ، وكانت مربعة في أسفلها مثمنة في أعلاها وصًفحت بألواح من الرصاص.2/ وفي عام 881هـ جدد القبة الناصر حسن بن محمد بن قلاوون.3/ وفي عام 886 تأثرت القبة من جراء الحريق الثاني الذي وقع بالمسجد.4/ وفي عام 887هـ بعهد السلطان قايتباي، جدد بناء القبة ووضعت لها دعائم قوية في أرض المسجد، وبنيت بالآجر.5/ وفي عام 892هـ أعيد بناء القبة مرة أخرى بالجبس الأبيض بعد أن تشقق أعلاها، وكان في السلطان قايتباي أيضاً.6/ وفي عام 1233هـ بعهد السلطان محمود عبد الحميد أعيد بناء القبة لآخرة مرة، حيث تشققت القبة في عهدهـ، فأمر بهدم أعلاها وإعادة بنائه من جديد، حيث لا تزال قائمة إلى اليوم.7/ وفي عام 1253هـ أمر السلطان عبد الحميد العثماني بصبغ القبة باللون الأخضر، فأصبحت القبة تعرف بعد ذلك بالقبة الخضراء، وكانت تسمى فيما سبق القبة الزرقاء أو القبة البيضاء أو القبة الفيحاء.وقد قال الإمام محمد الصنعاني في كتابه تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد: فإن هذه القباب والمشاهد التي صارت أعظم ذريعة إلى الشرك والإلحاد، وأكبر وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه، غالباً، بل كل من يعمرها هم الملوك والسلاطين والرؤساء والولاة، إما على قريب لهم أو على من يحسنون الظن فيه، من فاضل أو عالم أو صوفي أو فقير أو شيخ أو كبير، ويزوره الناس الذين يعرفونه زيارة الأموات، من دون توسل به ولا هتف باسمه، بل يدعون له ويستغفرون، حتى ينقرض من يعرفه أو أكثرهم، فياتي من بعدهم فيجد قبراً قد شيّد عليه البناء، وسرجت عليه الشموع، وفرش بالفراش الفاخر، وأرخيت عليه الستور، وألقيت على الورود والزهور، فيعتقد أن ذلك لنفع أو لدفع ضر، ويأتيه السدنة يكذبون على الميت بأنه فعل وفعل، وانزل بفلان الضرر، وبفلان النفع، حتى يغرسوا جِبلّته كل باطل، فلذلك ثبت الأحاديث النبوية بالمنع من ذلك. أ.هـ هذا وإن من الشبه في عدم هدم هذا القبة وغيرها: إنه وقع فيمن مضى ولم يُنكر، ولم تهدم، فهذا رجم بالغيب، فإنه قد يكون أنكرته قلوب كثيرة تعذر عليها الإنكار باليد أوباللسان، والناس يشاهدون أمورا في حياتهم منكرة ولا ينكرونها إلا بقلوبهم، فالسكوت لا يستدل به عارف. وينبغي لولاة أمور المسلمين وفقهم الله منع البناء على القبور وهدم البناء الموجود، فهذا من أوجب الواجبات على الحاكم، وإذا لم يهدم الحاكم القباب على القبور، أنكر العلماء والقضاة والأمانة عليهم أعظم، كيف لا وقد قال الله تعالى (( وإذ أخذ الله ميثاق الذين آوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ))سائلاً المولى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.بعض رسائل وفتاوى العلماء في حكم بناء القبب على القبور، والواجب تجاهها: ومن رسائل شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب:بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الوهاب إلى العلماء الأعلام في بلد الله الحرام، نصر الله بهم دين سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وتابعي الأئمة الأعلام.سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد: جرى علينا من الفتنة ما بلغكم وبلغ غيركم، وسببه: هدم بناء في أرضنا على قبور الصالحين، ومع هذا نهيناهم عن دعوة الصالحين، وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله، فلما أظهرنا هذه المسالة، مع ما ذكرنا من هدم البناء على القبور، كبر على العامة، وعاضدهم بعض من يدعي العلم لأسباب ما تخفى على مثلكم، أعظمها إتباع الهوى مع أسباب أخر... الخ الرسالة. الدرر السنية الجزء الأول صفحة 56.وللإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود آل سعود رسالة إلى سليمان باشا، ومنها: فشعائر الكفر بالله والشرك هي الظاهرة عندكم مثل: بناء القباب على القبور وإيقاد السرج عليها وتعليق الستور عليها ....الخ الرسالة.الدرر 293.وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله السؤال التالي:السؤال :لاحظت عندنا على بعض القبور عمل صبة بالأسمنت بقدر متر طولا في نصف متر عرضا مع كتابة اسم الميت عليها وتاريخ وفاته وبعض الجمل : اللهم ارحم فلان بن فلان . . وهكذا ، فما حكم مثل هذا العمل ؟الجواب: لا يجوز البناء على القبور لا بصبة ولا بغيرها ولا تجوز الكتابة عليها . لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن البناء عليها والكتابة عليها ، فقد روى مسلم رحمه الله من حديث جابر رضي الله عنه قال : (( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه )) وخرجه الترمذي وغيره بإسناد صحيح وزاد (( وأن يكتب عليه )) ولأن ذلك نوع من أنواع الغلو فوجب منعه .ولأن الكتابة ربما أفضت إلى عواقب وخيمة من الغلو وغيره من المحظورات الشرعية ، وإنما يعاد تراب القبر عليه ويرفع قدر شبر تقريبا حتى يعرف أنه قبر ، هذه هي السنة في القبور التي درج عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، ولا يجوز اتخاذ المساجد عليها ولا كسوتها ولا وضع القباب عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) متفق على صحته .ولما روى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول (( إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك )) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .ونسأل الله أن يوفق المسلمين للتمسك بسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام والثبات عليها والحذر مما يخالفها إنه سميع قريب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . نشر بمجلة الدعوة العدد 939 في 22/7/1404هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع.ووجه أيضاً لسماحة الشيخ ابن باز – رحمه الله – هذا السؤال :عندنا من المشايخ الصوفية من يهتمون بعمل القباب على الأضرحة والناس يعتقدون فيهم الصلاح والبركة، فإن كان هذا الأمر غير مشروع فما هي نصيحتكم لهم وهم قدوة في نظر السواد الأعظم من الناس؟ أفيدونا بارك الله فيكم. اهـ.الجواب: النصيحة لعلماء الصوفية ولغيرهم من أهل العلم أن يأخذوا بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يعلموا الناس ذلك، وأن يحذروا اتباع من قبلهم فيما يخالف ذلك، فليس الدين بتقليد المشايخ ولا غيرهم، وإنما الدين ما يؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أجمع عليه أهل العلم وعن الصحابة رضي الله عنهم، هكذا يؤخذ الدين لا عن تقليد زيد أو عمرو، ولا عن مشايخ الصوفية ولا غيرهم. وقد دلت السنة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على أنه لا يجوز البناء على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا اتخاذ القباب ولا أي بناء، كل ذلك محرم بنص الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك ما ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) قالت رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا). وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور فقال صلى الله عليه وسلم ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)) فأخبر عليه الصلاة والسلام أن الذين يتخذون المساجد على القبور هم شرار الخلق، وهكذا من يتخذ عليها الصور؛ لأنها دعاية إلى الشرك ووسيلة له؛ لأن العامة إذا رأوا هذا عظموا المدفونين واستغاثوا بهم ودعوهم من دون الله وطلبوهم المدد والعون، وهذا هو الشرك الأكبر وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه المخرج في صحيح مسلم رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك)) هكذا رواه مسلم في الصحيح.فدل ذلك على فضل الصديق رضي الله عنه وأنه أفضل الصحابة وخيرهم، وأنه لو اتخذ النبي خليلا لاتخذه خليلا رضي الله عنه، ولكن الله جل وعلا منعه من ذلك حتى تتمحض محبته لربه سبحانه وتعالى، وفي الحديث دلالة على تحريم البناء على القبور واتخاذ مساجد عليها وعلى ذم من فعل ذلك من ثلاث جهات:إحداها: ذمه من فعل ذلك.والثانية: قوله: ((فلا تتخذوا القبور مساجد)). والثالثة: قوله: ((فإني أنهاكم عن ذلك)) فحذر من البناء على القبور بهذه الجهات الثلاث، فوجب على أمته أن يحذروا ما حذرهم منه، وأن يبتعدوا عما ذم الله به من قبلهم من اليهود والنصارى ومن تشبه بهم من اتخاذ المساجد على القبور والبناء عليها وهذه الأحاديث التي ذكرنا صريحة في ذلك، والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: الذريعة الموصلة إلى الشرك الأكبر.فعبادة أهل القبور بدعائهم والاستغاثة والنذور والذبائح لهم وطلب المدد والعون منهم كما هو واقع الآن في بلدان كثيرة في السودان ومصر وفي الشام وفي العراق وفي بلدان أخرى - كل ذلك من الشرك الأكبر، يأتي الرجل العامي الجاهل فيقف على صاحب القبر المعروف عندهم فيطلبه المدد والعون كما يقع عند قبر البدوي والحسين وزينب والست نفيسة، وكما يقع في السودان عند قبور كثيرة، وكما يقع في بلدان أخرى، وكما يقع في بعض الحجاج الجهال عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وعند قبور أهل البقيع وقبور أخرى يقع هذا من الجهال، فهم يحتاجون إلى التعليم والبيان والعناية من أهل العلم حتى يعرفوا دينهم على بصيرة، فالواجب على أهل العلم جميعا الذين منّ الله عليهم بمعرفة دينهم على بصيرة سواء كانوا من الصوفية أو غيرهم أن يتقوا الله وأن ينصحوا عباد الله، وأن يعلموهم دينهم وأن يحذروهم من البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب أو غير ذلك من أنواع البناء، وأن يحذروهم من الاستغاثة بالموتى ودعائهم، فالدعاء عبادة يجب صرفها لله وحده، كما قال الله سبحانه: {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، وقال سبحانه: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}يعني من المشركين، وقال عليه الصلاة والسلام: ((الدعاء هو العبادة))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)) فالميت قد انقطع عمله وعلمه بالناس، وهو في حاجة أن يُدعى له ويستغفر له ويُتَرحم عليه لا أن يدعى من دون الله، يقول النبي عليه السلام: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، فكيف يُدعى من دون الله؟ وهكذا الأصنام وهكذا الأشجار والأحجار والقمر والشمس والكواكب كلها لا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بها، وهكذا أصحاب القبور وإن كانوا أنبياء أو صالحين، وهكذا الملائكة والجن لا يدعون مع الله، فالله سبحانه يقول: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} فالله لا يأمر باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا من دونه؛ لأن ذلك كفر بنص الآية.وفي حديث جابر عند مسلم في صحيحه يقول رضي الله عنه: (نهى رسول الله عن تجصيص القبور وعن القعود عليها وعن البناء عليها) وما ذاك إلا لأن تجصيصها والبناء عليها وسيلة إلى الشرك بأهلها والغلو فيهم. أما القعود عليها فهو امتهان لها، فلا يجوز ذلك، كما لا يجوز البول عليها والتغوط عليها، ونحو ذلك من أنواع الإهانة؛ لأن المسلم محترم حيا وميتا لا يجوز أن يُداس قبره ولا أن تكسر عظامه، ولا أن يقعد على قبره، ولا أن يبال عليه، ولا أن توضع عليه القمائم، كل هذا ممنوع.فالميت لا يمتهن ولا يعظم بالغلو فيه ودعائه مع الله والطواف بقبره ونحو ذلك من أنواع الغلو، وبذلك يعلم أن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالأمر الوسط بشأن الأموات فلا يُغلى فيهم ويعبدون مع الله، ولا يمتهنون بالقعود على قبورهم ونحو ذلك، وهي وسط في كل الأمور والحمد لله؛ لأنها تشريع من حكيم عليم يضع الأمور في مواضعها كما قال عز وجل: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} ومن هذا ما جاء في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم:((لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها))، فجمعت الشريعة الكاملة العظيمة بين الأمرين؛ بين تحريم الغلو بدعاء أهل القبور والاستغاثة بهم والصلاة إلى قبورهم وبين النهي عن إيذائهم وامتهانهم والجلوس على قبورهم أو الوطء عليها والاتكاء عليها، كل هذا ممنوع فلا هذا ولا هذه. وبهذا يعلم المؤمن ويعلم طالب الحق أن الشريعة جاءت بالوسط لا بالشرك ولا بالإيذاء. فالميت المسلم يدعى له ويستغفر له ويسلم عليه عند زيارته أما أن يدعى من دون الله أو يطاف بقبره أو يصلى إليه فلا، أما الحي الحاضر فلا بأس بالتعاون معه فيما أباح الله؛ لأن له قدرة على ذلك، فيجوز شرعا التعاون معه بالأسباب الحسية، وهكذا الإنسان مع إخوانه ومع أقاربه يتعاونون في مزارعهم وفي إصلاح بيوتهم وفي إصلاح سياراتهم ونحو ذلك، يتعاونون بالأسباب الحسية المباحة المقدور عليها فلا بأس بذلك، وهكذا مع الغائب الحي عن طريق الهاتف أو عن طريق المكاتبة ونحو ذلك، كل هذا تعاون حسي لا بأس به في الأمور المقدورة المباحة.كما أن الإنسان القادر الحي يتصرف بالأسباب الحسية فيعينك بيده ويبني معك أو يعطيك مالا، هدية أو قرضا، فالتعاون مع الأحياء شيء جائز بشروطه المعروفة. أما الاستغاثة بالأموات أو بالغائبين بغير الأسباب الحسية فشرك أكبر بإجماع أهل العلم ليس فيه نزاع بين الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان وأهل البصيرة.والبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب كذلك منكر معلوم عند أهل العلم، جاءت الشريعة بالنهي عنه لكونه وسيلة إلى الشرك، فالواجب على أهل العلم أن يتقوا الله أينما كانوا وأن ينصحوا عباد الله، وأن يعلموهم شريعة الله، وأن لا يجاملوا زيدا ولا عمرا، فالحق أحق أن يتبع بل عليهم أن يعلموا الأمير والصغير والكبير، ويحذر الجميع مما حرم الله عليهم، ويرشدوهم إلى ما شرع الله لهم، وهذا هو الواجب على أهل العلم أينما كانوا من طريق الكلام الشفهي ومن طريق الكتابة ومن طريق التأليف أو من طريق الخطابة في الجمعة وغيرها، أو من طريق الهاتف أو من أي الطرق التي وجدت الآن والتي تمكّن على تبليغ دعوة الله ونصح عباده. والله ولي التوفيق. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخامس.وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال: هذه الرسالة وردتنا من الأردن يقول فيها الأخ خليل زيد محمد النعامي هل يجوز بناء القبر، وإذا لم يجوز أفيدوني ماذا أفعل؟الجواب: لا أدري هل يريد ببناء القبر اتخاذ مكان للإنسان يدفن فيه مبنياً، أو أنه يريد ببناء القبر البناء عليه، فإن كان الأول وهو أن يتخذ مكاناً يدفن فيه فإن السنة هو أن يكون القبر ملحداً، أي أن تحفر حفرة ويجعل في مقدمة القبر من ما يلي القبلة حفرة أخرى بمقدار جسم الميت يدفن فيها فإن هذا هو السنة التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فمن اتخذ قبراً مبنياً ببناء فإنه يكون مخالفاً للسنة وإما إذا كان يريد البناء على القبور فإن هذا محرم وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من تعظيم أهل القبور وكونه وسيلة وذريعة إلى أن تعبد هذه القبور وتتخذ آلة مع الله كما هو الشأن في كثير من الأبنية التي بنيت على القبور فأصبح الناس يشركون بأصحاب هذه القبور مع الله سبحانه وتعالى.وقد سؤل – رحمه الله - في فتاوى نور على الدرب السؤال الآتي:جزاكم الله خيرا السائل أحمد من اليمن من محافظة إب يقول في هذا السؤال نرجو منكم أن تفتوننا في هذا السؤال يوجد لدينا قبر رجل ويقولون بأنه ولي وقد بني عليه قبة وبجانبه ما يقارب من ثلاثة قبور أخرى والقبة المذكورة قد جعلوا فيها مقدمة ومكان يصلى فيه والقبور المذكورة تقع خلف المصلين ونحن نصلي في هذه القبة والقبور من خلفنا فنرجو من فضيلة الشيخ النصح والتوضيح هل صلاتنا صحيحة أم لا جزاكم الله خيرا.الجواب: البناء على القبور محرم وكل بناء بني على قبر فأنه يجب هدمه ولا يجوز إقراره والصلاة فيه لا تصح بل هي باطلة فلا يحل لكم أن تصلوا في هذه الساحة وإن صليتم فأنتم آثمون وصلاتكم باطلة مردودة عليكم ثم إني أقول من قال إن هذا قبر ولي قد يكون دجلا وكذبا ثم أقول ما هو الولي قد يكون دجالا دجل على الناس وقال إنه من أولياء الله وهو من أعداء الله وأولياء الله تعالى هم المؤمنون المتقون لقوله تعالى (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون َ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) فلابد من هذه المقدمات أن يعلم أن هذا من أولياء الله لكونه مؤمنا تقيا وأن يعلم أنه دفن في هذا وبعد هذا يجب أن تهدم القبة التي عليه ولا تصح الصلاة فيها.وختاماً،نسأل المولى أن يهد ضال المسلمين وأن يرزقهم اتباع سنة إمام المرسلين، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. | |
|
hadi moa administator
المهنة: : الجنس : تاريخ التسجيل : 19/04/2010 عدد المشاركـات : 2500 السٌّمعَة : 16
| موضوع: رد: القول الفصل في بناء القبب على القبر(وتاريخ القبة الخضراء الأربعاء أبريل 20, 2011 10:26 pm | |
| | |
|
خليل member
المهنة: : الجنس : العمر : 26 تاريخ التسجيل : 20/04/2011 عدد المشاركـات : 8 السٌّمعَة : 0
| موضوع: رد: القول الفصل في بناء القبب على القبر(وتاريخ القبة الخضراء الخميس أبريل 21, 2011 3:26 am | |
| شكرا على الموضوع الرائع ::shokr:: | |
|
العائد إلى الله member
المهنة: : تاريخ التسجيل : 25/05/2010 عدد المشاركـات : 294 السٌّمعَة : 3
| موضوع: رد: القول الفصل في بناء القبب على القبر(وتاريخ القبة الخضراء الجمعة أبريل 22, 2011 4:28 am | |
| | |
|