[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
ظل خاطف أمينة اديفا يطاردها كما لو كان صيادا ماهرا. فقد اقترب الرجل
من الطالبة الهيفاء ذات الشعر الفاحم البالغة من العمر 18 عاما بينما كانت
تسير في احد الشوارع الجانبية في غروزني وامسك بها بقوة وسحبها إلى سيارة
كانت في الانتظار.
وأخذت الفتاة تصرخ وتنشب أظافرها في الرجل، غير انه استعان بثلاثة من
أصدقائه، احدهم السائق، لضمان عدم انفلاتها من قبضته. وتابع العملية المزيد
من أصدقاء الرجل في سيارة أخرى، بينما كان "مراقب" يلتفت يمنة ويسرة وفي
كل الاتجاهات للتصدي لأي شخص يحاول إحباط عملية الاختطاف التي تمت في وضح
النهار.
غير أن ايديفا كانت تعلم علم اليقين، أن لا شاشاني سوف يتقدم لإنقاذها
في ذلك اليوم من شهر سبتمبر منذ ثلاث سنوات. لقد كانت تدرك تمام الإدراك
انه وفقا لتقاليد خطف العرائس في بلادها، أنها وقعت ضحية لطقس يعود لقرون،
وان خاطفها، وهو خاطب رفضته مرارا، سوف يرغمها على الزواج منه.
وفي جميع أنحاء الشيشان وانغوشيا المجاورة، تتم عملية اختطاف العرائس
بالقوة بواقع مرة كل أسبوع. أما في مواسم الأعراس في الربيع من كل عام فان
هذه العملية قد تتم كل يوم، حيث يتم اختطاف النساء من مواقف الحافلات، أو
أثناء عودتهن من المدارس في طريقهن إلى بيوتهن، وأحيانا من باحات منازلهن.
وعادة ما تدير السلطات في الدولتين أعينها بعيدا عن هذه الممارسة
العنيفة، وتفضل أن تصفها ب "التقليد الرومانسي". يعزز ذلك أن بعض
الشيشانيين يزعمون أن هذه الممارسة تجسيد لقصص الحب الخيالية على ارض
الواقع وان الكثير من النساء يحلمن بان يختطفهن رجال وسيمون. وإذا قالت
امرأة لأولادها إن أبيهم اختطفها فإن هذه تعتبر أعظم قصة حب.
الفتاة ترى في الخطف تجسيداً لقصص الحب الخيالية.. وترغب في أن يخطفها رجل وسيم
غير أن معظم النساء اللواتي شاركن في استطلاع للرأي أجرى مؤخرا في
الشيشان وانغوشيا يعترضن على ذلك وقلن إنهن لم يحظين بالحب من قبل الرجال
الذين اختطفنهن. وقالت أخريات إن هذه العادة لا مكان لها في المجتمع
المتحضر.
وتقول ايديفا، التي تطلقت من زوجها بعد زواج عاصف استمر لثمانية أشهر،
الحكومة لا تعترف بأن الاختطاف مشكلة، وإنها تتعامل معه وكأنه أمر طبيعي".
وفي حين لا تتوفر إحصائيات موثوقة عن عدد النساء اللواتي يختطفن في
الشيشان وانغوشيا، إلا أن الأهالي يقدرون أن حوالي نصف الزيجات تتم عن طريق
الاختطاف.
وإذا كان اختطاف الزوجات يعتبر تقليدا راسخا في الشيشان فان الحربين
الشرستين اللتين خاضتهما الشيشان مع روسيا في عامي 1994 و1999 أسفرتا عن
نقص حاد في عدد الرجال، ما جعل النساء يسعين سعيا حثيثا للزواج. وفي ظل هذا
الوضع فانه لا تتوفر للمرأة فرصة للاختيار. فإذا ما اختطفت فإنها تخضع
لضغط عنيف من أسرتها ومجتمعها لتتزوج خاطفها، خاصة إذا كان ينتمي لأسرة
مناسبة.
وفي الشيشان فان النزاعات العائلية والقضايا الجنائية والاجتماعية يتم
حلها من قبل الزعماء الدينيين وزعماء العشائر، من خلال ما يعرف بعدالة
الاقتصاص، وليس عن طريق المحاكم.
وفي مثل هذه المجتمعات التي تحكمها التقاليد بشدة فلابد وان تخضع الفتاة للقواعد والأعراف السائدة.
إذا قضت المخطوفة الليل في بيت الخاطف تعتبر زوجته.. وتمنع من الجلوس والكلام إلى أن يغادر كبار السن مكان الحفل
وفي الدقائق الأولى على اختطافها، كان عقل ايديفا يدور حول مآلات
الاختطاف التي تحفظها النساء الشيشانيات عن ظهر قلب وهي: إذا لم تتمكن من
المرأة من الهرب قبل بزوغ الفجر فان فرص نجاتها من الزواج القسري تنتفي
تماما. وإذا قضت الشيشانية غير المتزوجة الليل في بيت الخاطف فإنها تعتبر
زوجته. أما إذا "لمسها" فإنها تعتبر "ملوثة".
وبالنسبة للرجل فان العار كل العار أن ترفضه فتاة طلب يدها من أهلها. وتفاديا لهذا فإنه يقدم على الخطف.
وكانت ايديفا قد عثرت على هاتف جوال في الغرفة التي حبست فيها ومن ثم
اتصلت بذويها ليحضر شقيقها ويأخذها إلى المنزل. غير أن والدتها وشقيقاتها
ضغطن عليها لتتزوج خاطفها. وبعد تسعة أيام زفت ايديفا، وقد اختلطت دموعها
بمكياجها، إلى عريسها وفقا للطريقة الشيشانية التقليدية حيث ظلت واقفة
لوحدها في احد أركان غرفة عريسها طوال ساعات وقد منعت من التحدث أو الجلوس
إلى حين مغادرة كبار السن مكان الحفل.
السلطات تغمض عينيها عن اختطاف العرائس وترى أن الظاهرة «تقليد رومانسي»
واليوم وبصفتها مطلقة فإن فرص زواجها مرة أخرى ضاقت إلى أقصى حد، وتقول، "لقد تدمر مستقبلي".
ولكن ليس كل الخاطفين سعداء. وكمثال، كان عمر ماخواري قد اختطف عروسه
مليكا ماخاييفا، البالغة من العمر 16 عاما، من قرية أجدادها منذ 34 عاما.
وساندته أسرته وأصدقائه في عملية الاختطاف. والآن وفي سن 57 عاما، يأسف
ماخواري، على فعلته و يعترف بأنه سبب لزوجته آلاما عاطفية لازمتها طوال
حياتها.
وبعد اقتران ماخواري بزوجة ثانية، تعيش ماخييفا مع أسرتها وأطفالها الستة، وتقول إنها لم تذق طعم السعادة قط مع زوجها.
وتضيف ماخواري قائلة إن مأساة زواجها سببت لها جروحا عاطفية أكثر تأثيرا من جراحات الحربين مجتمعتين.
وفي ظل تفشي ظاهرة اختطاف الفتيات كالوباء في المجتمعات الشيشانية، يسعى
الرئيس رمضان قادروف إلى القضاء عليها من خلال إجراءات جذرية تضمنت زيادة
الغرامة على جريمة اختطاف العروس من حوالي 3800 ريال إلى 126 ألف ريال،
والسجن لمدد تتراوح بين 4 و20 عاما، في استجابة لمطلب قديم من الناشطات في
مجال حقوق الإنسان. وباتت الشرطة مخولة بالتحقيق في أي حادثة اختطاف حتى
ولو لم تتلقَ بلاغا من أي جهة. وساهمت أفلام مثل "سجينة القوقاز"
السوفياتي، و"بورات" الأميركي في تجسيد هذه الظاهرة وتسليط الضوء عليها.
ولكن ماذا عن إثيوبيا، حيث لا تستطيع الفتاة ان تفعل شيئا سوى انتظار الاختطاف؟ هذا ما سنتناوله في الحلقة التالية.
أنتظر تعليقاتكم و رئيكم عن هاذا الموضوع
تعليقي أنا : أنا ما أعتقد ان هالأمر رومنسي ألا تدمير لمستقبل البنت الي تنخطف ....
الحمد لله ما عندنا هالعادت