صوت المصريون بـ "نعم" على التعديلات الدستورية المقترحة، في استفتاء
تاريخي تسابق فيه المصريون للتعبير عن رأيهم، وأثار جدلاً واسعًا خلال
الأيام الماضية مع تزايد حدة الاستقطاب بين القوى السياسية، لتقطع بذلك
المرحلة الانتقالية شوطًا كبيرًا على صعيد عملية نقل السلطة للمدنيين، حيث
من المقرر أن يتم إجراء انتخابات برلمانية خلال شهرين تسبق إعداد دستور
جديد وانتخاب رئيس للبلاد.
وأعلن المستشار الدكتور محمد أحمد عطية
رئيس اللجنة القضائية العليا المشرفة على الاستفتاء في مؤتمر صحفي أمس، أن
77.2% ممن شاركوا في الاستفتاء صوتوا بـ "نعم" على التعديلات الدستورية
التي جرى التصويت عليها السبت، من أكثر من 18.5 مليون ناخب شاركوا في
التصويت.
وبلغت نسبة الإقبال على التصويت 41.2% من بين 45 مليون شخص
يحق لهم المشاركة في التصويت، فيما بلغ عدد الأصوات الباطلة 171.190 ألف.
وقال عطية، إن أكبر المحافظات التي شاركت في الاستفتاء كانت الإسكندرية،
التي شارك بها أكثر من مليون مواطن، وكذلك محافظة الشرقية.
ووصف
عطية إقبال الشعب المصرى على المشاركة في الاستفتاء بأنه لم يكن له مثيل،
مشيرًا إلى أنه قبل 25 يناير كانت نتائج الانتخابات معروفة سلفا، لكنه الآن
اصبح المواطن متأكدًا أن صوته له قيمة، وقال إن الاستفتاء شهد إقبالاً من
جموعة الشعب المصرى؛ شبابها وشيوخها ونساؤها
وقدم عطية التحية
للقوات المسلحة ومجهوداتها التي ساعدت على مرور الاستفتاء بهذا الشكل
النزيه، كما قدم تحية إعزاز وإكبار إلى شعب مصر العظيم وشباب الثورة الذين
بعثوا روح التغيير في الأمة والحرية والديمقراطية وجيش مصر الذي وقف بروح
نجاح الثورة في هذا الاستفتاء.
وصرح رئيس اللجنة القضائية العليا
المشرفة على الاستفتاء، أنه في أعقاب الموافقة على التعديلات الدستورية
سيتم الإعداد لجدول زمني يسمح بالانتقال السلمي للسلطة.
وقوبلت
نتيجة الاستفتاء بارتياح في الأوساط السياسية، وإن كانت لم ترض الأحزاب
التي فشلت في حشد الشارع للتصويت بـ "لا" وخرجت خاسرة من المعركة التي
قادها "الإخوان المسلمون" لتأييد التعديلات.
وأكد "ائتلاف شباب
الثورة" الذي يضم شباب حركات "6 أبريل" و"العدالة والحرية" و"دعم البرادعي"
و"الإخوان وحزبي "الجبهة" و"الكرامة" أنه سيقبل بنتائج الاقتراع
الديمقراطي طالما توافرت عناصر السلامة والنزاهة، من منطلق أن الشعب هو
الثائر الحقيقي.
وأضاف الائتلاف في بيان حصلت "المصريون" علي نسخة
منه أن مشاهد الأصوات المليونية التي اصطفت أمام لجان الانتخابات، في كافة
محافظات الجمهورية، والتي فاقت توقعات منظمي الاستفتاء، أكدت أن روح الثورة
تسربت إلى الشعب المصري كافة، وأثبتت أن ثورته لم تكن فورة وانتهت.
وقال
الناشط السياسي ناصر عبد الحميد عضو، الائتلاف، إنهم سيقبلون بالنتيجة
لأنها إرادة الشعب، موضحا أن الائتلاف لن يعود لميدان التحرير للتظاهر خلال
تلك المرحلة. وأوضح أن الائتلاف سيعمل في ضوء نتيجة الاستفتاء على
الاستعداد للانتخابات البرلمانية.
وأعرب أبوالعلا ماضى رئيس حزب
"الوسط" عن احترام حزبه لنتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وقال إن
قرار الشعب بالتصويت بنعم يجب احترامه ودعا الى البناء عليه باستكمال
خطوات التحول نحو الدولة الديموقراطية الكاملة .
وأوضح أنه مطلوب من
المجلس الاعلى للقوات المسلحة أن يصدر المواد المعدلة في إعلان دستوى
ويصدر قوانين تنظم الانتخابات القادمة لمجلسي الشعب والشورى وانتخابات
الرئاسة.
ودعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى إجراء الانتخابات
بالقائمة النسبية وتعطيل العمل بنسبة الخمسين فى المائة للعمال والفلاحين
وكوتة المرأة، مضيفا ان مجلسى الشعب والشورى سيقومان بعد ذلك حسب النص
المعدل الذي أقر الأحد في الاستفتاء بتشكيل هيئة تأسيسية من مائة عضو تقوم
بإعداد دستور وطرحه للنقاش لإقراره.
من جانبه، هنأ محمد أنيس عضو
ائتلاف ثورة 25 يناير، الشعب المصري بنجاح الاستفتاء، وقال إن الشيء
الإيجابي هو المشاركة الشعبية الواسعة، معربًا عن ترحيبه بنتيجة التصويت
على التعديلات.
وأوضح أنه كان يتمنى أن تكون نتيجة الاستفتاء على
التعديلات الدستورية بـ "لا"، لكن إذا كان هذا هو اختيار الشعب فعلينا أن
نتعامل معه، معربا عن أمله فى الانتقال إلى المرحلة التالية وهى توحيد
جهودنا جميعا لعمل دستور جديد لا يخلق فرعونا جديدا. وأكد أهمية وضع بنية
تشريعية وقانونية سليمة تكون أساسا لحياة ديموقراطية سليمة.
بدوره،
أكد الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب "التجمع"، أن حزبه سيواصل معركته حتى لا
يتصور أحد أن أحدا بذاته هو الذى يتحكم في البلد، ملمحًا بذلك إلى جماعة
"الإخوان" التي يناصبها العداء، موضحا أن "الشعب المصرى هو الذى يملك هذه
الثورة ويجب احترام إرادته سواء الذين صوتوا بـ "نعم" أو "لا" في الاستفتاء
على التعديلات الدستورية.
واعتبر أن تصويت 22% المائة من المقترعين
ضد التعديلات لا يتعبر أقلية يستهان بها فهم يمثلون نحو ربع المواطنين
الذين أدلوا بصوتهم فى هذه التعديلات الدستورية. وأضاف في تصريحات لقناة
"النيل للأخبار" إن الخطوة القادمة التى سيتخذها الحزب تعتمد على الخطوات
التى سيتخذها المجلس الأعلى للقوات المسلحة إزاء كل القوى الوطنية.
وأشار
السعيد إلى وجود بعض السلبيات شابت عملية التصويت، حيث لم تفتح بعض اللجان
إلا الساعة الخامسة مساء بسبب عدم تواجد قضاة فيها- على حد قوله- كما كانت
هناك شكاوى من عدم توافر الحبر الفوسفوري في بعض اللجان.
وقال إنه
من السلبيات أيضا إنه لم يكن هناك أي فرصة لإجراء حوار حقيقي حول التعديلات
الدستورية، مشيرا إلى أن أغلب الوعاظ طلبوا من المصلين في صلاة الجمعة
التصويت بـ "نعم" في الاستفتاء "وذلك خطأ".
وأكد أسامة شلتوت رئيس
حزب "التكافل" - تحت التأسيس - رفضه لنتيجة الاستفتاء على التعديلات
الدستورية جملة وتفصيلا، وقال إنه "يشوبها البطلان" وإن الحزب سيطعن في
نتيجة الاستفتاء.
وعزا رفضه لاتباع طريقة "ترقيع" الدستور وعدم
تغييره لاختيار النظام البرلماني التكافلي وكذلك عدم طرح هذه التعديلات على
شرائح المجتمع وحتى الأحزاب. وأشار إلى أنه إضافة لذلك كانت بطاقة
الاستفتاء نفسها منحازة فاختير اللون الأخضر لـ "نعم" واللون الاسود لـ
"لا"، وكذلك الدعاية أمام مقرات الاستفتاء وفى المساجد كانت منحازة، على حد
قوله.