العشر من ذي الحجة
هذه الأيام العشرة أكثر المسلمين في غفلة عن فضلها وفضل العمل فيها
ولهذا تمر عليهم وكأنها أيام عادية لا تختص بفضل فينبغي في عشر ذي الحجة كثرة الطاعة
والعمل الصالح بالصلاة والصدقة والصيام وغير ذلك مما يقرب إلى الله تعالى
قال تعالى: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ [ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ] عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ }
قال شعبة [وهُشَيْم] عن [أبي بشر عن سعيد]
عن ابن عباس:
الأيام المعلومات: أيام العشر،
وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به.
ويروى مثله عن أبي موسى الأشعري، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جبير، والحسن،
وقتادة، والضحاك، وعطاء الخراساني، وإبراهيم النَّخعي. وهو مذهب الشافعي، والمشهور عن أحمد بن حنبل.))(1)
((قال ابن الملك: لأنها أيام زيارة بيت الله والوقت إذا كان أفضل كان العمل الصالح
فيه أفضل وذكر السيد اختلف العلماء في هذه العشر، والعشر الأخير من رمضان فقال بعضهم: هذه العشر أفضل لهذا الحديث،
وقال بعضهم: عشر رمضان أفضل للصوم والقدر، والمختار أن أيام هذه العشر
أفضل ليوم عرفة وليالي عشر رمضان أفضل لليلة القدر، لأن يوم عرفة أفضل أيام السقة،
وليلة القدر أفضل ليالي السنة، ولذا قال ما من أيام ولم يقل من ليال كذا في الأزهار وكذا في المرقاة
"ولا الجهاد في سبيل الله "
أي أفضل من ذلك "إلا رجل" أي إلا جهاد رجل
"لم يرجع من ذلك"
أي مما ذكر من نفسه وماله "بشيء"))(2)
قال السعدي رحمه الله :
ولهذا أقسم بعده
{والفجر وليال عشر }
بالليالي العشر،
وهي على الصحيح
: ليالي عشر رمضان، أو [عشر] ذي الحجة، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة،
ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها.
وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر،
التي هي خير من ألف شهر، وفي نهارها، صيام آخر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام.
وفي أيام عشر ذي الحجة، الوقوف بعرفة، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان،
فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة، لما يرى من تنزل الأملاك
والرحمة من الله لعباده، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة،
وهذه أشياء معظمة، مستحقة لأن يقسم الله بها.))(3)
والليالي العشر:
المراد بها عشر ذي الحجة. كما قاله ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد،
وغير واحد من السلف والخلف. وقد ثبت في صحيح البخاري، عن ابن عباس مرفوعا:
"ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام" -يعني عشر ذي الحجة))(4)
فعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة "
قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟
قال : " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " .
رواه البخاري (5)
قال بعض العلماء: إن التكبير في الأضحى أوكد من وجهين:
الوجه الأول: أنه متفق عليه بين العلماء، والفطر مختلف فيه.
الوجه الثاني: أن في الأضحى تكبيراً مقيداً عقب الصلوات
، والفطر ليس فيه تكبير مقيد على رأي أكثر العلماء.
فكل واحد منهما أوكد
من الثاني من وجه؛ فمن جهة أن تكبير الفطر مذكور في القرآن يكون أوكد،
ومن جهة أن التكبير في عيد الأضحى متفق عليه، وأنَّ فيه تكبيراً مقيداً يقدم
على أذكار الصلاة، يكون من هذه الناحية أوكد.))
قال الشيخ العثيمين –رحمه الله-:
"وعلى هذا فإني أحث إخواني المسلمين على اغتنام هذه الفرصة العظيمة،
وأن يكثروا في عشر ذي الحجة من الأعمال الصالحة، كقراءة القرآن والذكر بأنواعه:
تكبير، وتهليل، وتحميد، وتسبيح، والصدقة والصيام، وكل الأعمال الصالحة.
والعجب أن الناس غافلون عن هذه العشر تجدهم في عشر رمضان يجتهدون في
العمل لكن في عشر ذي الحجة لا تكاد تجد أحداً
فرق بينها وبين غيرها،
ولكن إذا قام الإنسان بالعمل الصالح في هذا الأيام العشرة إحياء لما أرشد إليه
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الأعمال الصالحة. فإنه على خير عظيم.))(7)
ـــــــــ
(1):تفسير ابن كثير
(2): تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (3/463)
(3): (تفسير السعدي تفسير سورة الفجر)
(4): تفسير ابن كثير تفسير سورة الفجر
(5): مشكاة المصابيح برقم: 1460
(6): الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين (5/161)
(7): مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين(21/37)