العجيب
أن بعض النساء قد تهتك ستر أقرب الناس إليها!.. فهذه تقول: زوجة ابني تفعل وتفعل...وأخرى تفضح أسرار أقاربها...وثالثة تقول: زوجي كذا وكذا... أما الرابعة فتشهر بزوجة أخيها في كل مجلس...وتلك لم يبق أحد لا يعرف أفعال أم زوجها وأخواته... فضلا عن التشهير بالجيران، وزميلات العمل مرورا بالمديرة إلى المستخدمات...وهناك المعلمة التي تهتك ستر الطالبة...كما نال الخادمات في المنازل الحظ الأوفر من التشهير وهتك الستور! قد تفعل بعض النساء ذلك كله وتعتبره بكل بساطة من باب الفضفضة ومتعة الحديث!!... وما علمت أن كل هؤلاء مسلمات حرام عرضهن. يا شذي الخزامى... قد تطلعين على أسرار بعض البيوت إما مباشرة لإحتكاكك القوي بهم، أو لحاجتهم إلى استشارتك في خصوصياتهم، وربما تطلعين على تلك الأسرار بطريقة غير مباشر كأن تصلك أخبار أكيدة عن "أسباب طلاق فلانة".. وقد تكونين على علم بأمور حساسة تتعلق "بالخصومة التي بين آل فلان وآل فلانة" فاحذري! أن يكون هتك تلك الستور حديثك في المكالمات الهاتفية والمجالس الخاصة حيث حلوى بعض النساء أعرض المسلمين مع الشاي والقهوة!!.. ينبغي يا عزيزتي... ألا تتهاوني بذكر أسماء الأشخاص عند سردك للمواقف والأحداث التي هي في الغالب أسرار خاصة بأصحابها، ويغنيك عن ذلك إن كنت لابد قائلة أن تقولي: "هناك امرأة فعلت كذا... أو شخص حدث له كذا " ونحوه... بشرط ألا يتمكن المستمع إلى حديثـك من استنتاج الشخص الذي تقصدينه.. بهذه الطريقة تقولين ما تريدين، وتحفظين لسانك من الغيبة، وتسترين عورات المسلمين من أن تنكشف أمام الناس عن طريقك فتأثمين...فكونك اطلعت على بعض الأمور الخاصة بأصحابها أو كنت قريبة من الأحداث الساخنة فإن ذلك لا يبيح لك أبدا نشرهــا! لأن المؤمنة تستر وتنصح والمنافقة تهتك وتفضح... وكل المطلوب منك النصيحة لله، والستر على المسلم ما لم يجاهر بمعصية، أو يتمادى فيها... أظنك الآن قد تعودت على الاحتساب فاستري على المسلمين والمسلمات واحتسبي: 1. أن يسترك الله في أعظم يوم سيمر عليك منذ أن ولدتك أمك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يستر عبد عبدا في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة"[1].
2. عرضي نفسك لرحمة الله، قال الله تعالى: {ِإنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (الأعراف:56).
فلا تزهدي بالإحسان إلى مسلم بالستر عليه، فالمحسنة قريبة من رحمته تعالى... 3. احتسبي أن يتحقق لك الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"[2]، فكما أنك لا ترضين أن يهتك سترك أمام الناس فلا ترضيه لغيرك!. 4. احتسبي أن يحسن إسلامك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه"[3]، والحديث عن أسرار الناس وخصوصيتهم أمر لا يعنيك. 5. ثواب ترك الغيبة لوجه الله تعالى، فالغيبة جهد العاجز، والإنسان مأجور على التروك حيث إن من تتكلم فيما لا يعنيها في الغالب أنها ستغتاب والعياذ بالله... 6. أن يحبك الله، لأنه سبحانه يحب الستر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ـ عز وجل ـ حليم حيي ستير يحب الحياء والستر"[4]، فإذا أنت فعلت محاب الله أحبك الله. 7. احتسبي عند سترك على مسلم أو مسلمة أنك تحافظين على المجتمع المسلم من انتشار الرذيلة لأن انتشار أخبارها طريق إليها حيث تألفها النفوس فلا تنكرها!.ولكن... الستر لا يعني أن تترك الإنكار والنصيحة لمن يحتاجها، بشرط ألا تفضحيه مادام مستترا غير مجاهر إلا إذا كان سترك عليه يجعله يتمادى في غيه ويعينه على الفساد فحينها يجب أن ترفعي أمره إلى من يقوم على إصلاحه وتأديبه وأنت في ذلك كله مأجورة إذا احتسبت إنقاذ مسلم أو مسلمة من عذاب الله... عن علام بن مسقين، قال:
سأل رجل الحسين فقال: يا أبا سعيد:
(رجل علم من رجل شيئــا، أيفشي
عليه؟، قال يا سبحــــان الله! لا)[5].
[1] - مسلم (2590).
[2] - البخاري ـــ الفتح 1 (13).
[3] - البخاري ـــ الفتح 1 (13).
[4] - النسائي (1/ 200) وقال الألباني (2/ 758) ح 3387: صحيح.
[5] - مكارم الأخلاق (504).